![]() |
ضوء الأمل |
الشك في جدوى العطاء ليس له مكان طالما نحن نؤمن بالله الذي يعلم ما لا نعلمه من تقلبات الزمن وأحداثه. كانت هذه هي الفكرة التي راودتني أثناء حوار فجري الأمس مع أستاذ عزيز على قلبي، حيث بادر بالاتصال بي كعادته للاطمئنان على حالي. لاحظ في صوتي نبرة إحباط ولوم، فسألني عن السبب رغم كل الأنشطة التي أقوم بها في البحث العلمي، التدريس، وخدمة المجتمع. شاركته شعوري بأن مردود جهدي لا يبدو واضحًا كما توقعت، مما أشعرني وكأني أحرث في الماء.
رسالة من الواقع: كيف وصلت كلمة الشيخ عبد الحليم محمود إلى قلوب الحاضرين
رد أستاذي بحكمة مستمدة من تجربة شخصية له مع الإمام الشيخ عبد الحليم محمود، الذي كان عالمًا أزهريًا وشيخًا للأزهر في السبعينيات. حكى لي عن يومٍ صلى فيه الجمعة في زاوية صغيرة بأحد شوارع القاهرة، ليُفاجأ بأن خطيب الجمعة كان الشيخ عبد الحليم محمود بنفسه. استغرب أستاذي اختيار الشيخ لتلك الزاوية الصغيرة عوضًا عن المساجد الكبيرة ذات الحشود. أجاب الشيخ بابتسامة هادئة أن لكل إنسان حق على الدعاة، وأن العبرة ليست بعدد الحضور بل بمن قد يتأثر بكلمة تُقال في ذلك الجمع المحدود، وربما ينعكس تأثيرها على الآخرين أيضًا بشكل غير مباشر.
منتحلون من الخير: نصيحة أستاذي التي حفزتني لاستمرار جهدي
هذا الموقف البسيط الذي رواه لي أستاذي كان رسالة عميقة من الواقع. ذكر لي كيف وصلت خطبة الشيخ بعلمه وتواضعه إلى قلوب الحاضرين، وتأثر بها العديد منهم بشكل إيجابي. اختتم أستاذي القصة بنصيحة ثمينة: لا تستهين بما تقدمه من خير أو علم، حتى لو بدا لك صغيرًا أو ظننت أنه لن يُحدث تغييرًا. لا تدري إلى أي حد يمكن أن تصل رسالتك، فقد تكون لأحدهم أثرًا عظيمًا في مكان بعيد وزمان مختلف. تكليفك الوحيد هو الاستمرار والتوكل على الله.
التشجيع والقوة: كيف يمنحنا الدعم النفسي لتحقيق أهدافنا
رغم التحديات والإخفاقات التي نمر بها، فإن هذا الحديث مع أستاذي حفزني بشكل خاص. شعرت بارتياح جعله يثبت قدميّ على الطريق الذي اخترته كعضو هيئة تدريس أكاديمي، يقسم وقته بين التدريس، البحث العلمي، وخدمة المجتمع.
كل جهد يضاف إلى رصيد الأجيال القادمة: دعوة لتقديم الخير والعلوم والنصيحة
وبالرغم من أنني أتلقى من حين لآخر رسائل تعبير عن الامتنان أو التقدير من طلاب وباحثين يستفيدون مما أقدمه عبر محاضرة أو ورشة عمل أو حتى مشاركة فكرة أو نصيحة تعينهم، إلا أن سعادتي بلغت ذروتها هذا الصباح حين وصلتني رسائل من أفرادٍ في أماكن مختلفة حول العالم يعبرون عن استفادتهم مما قدمت. كان هذا التقدير مصدر طاقة إيجابية بالنسبة لي، خاصةً أنه جاء متزامنًا مع نصيحة أستاذي وقصة الشيخ عبد الحليم محمود.
شاهد مواضيع مميزة قد تهمك ايضا
نحتاج كبشر إلى التشجيع بين الحين والآخر كي نتجاوز الصعوبات ونستمر في أداء رسالتنا في الحياة. التشجيع يمنحنا القوة للمضي قُدمًا رغم المحاولات التي قد تبذل للتقليل من قيمة ما نقوم به أو تشويه أهدافنا.
كل التقدير لمن يدعمني بالكلمة الطيبة والحكمة والنصيحة، وشكر كبير لأستاذي الذي علمني أن الخير لا حدود له وقيمته ليست بحجمه ولكن بصدق النية في تقديمه للناس.
أدرك أن الكثير منا قد ينتابه الشك حيال الفائدة المرجوة من أعماله، لكن هذا الشك لا يليق أن يسكننا طالما نؤمن بأن الله يعلم ما لا نعلمه. كذلك، أدعو كل من يملك علمًا أو خبرة أو رسالة إنسانية أن يقدمها بأقصى استطاعته، مهما بدت بسيطة. فكل جهد يُضاف إلى رصيد الأجيال القادمة، ولا يجب الاكتفاء بالمحدود إذا كانت لدينا القدرة على تقديم المزيد. التقصير المتعمد، مهما صغر، قد يكون أكبر ضرر يمكن أن نرتكبه بحق أنفسنا وبحق الآخرين.
تعليقات: (0) إضافة تعليق