القائمة الرئيسية

الصفحات

الثانوية العامة: مرحلة تحدٍ تثبت قدراتنا وتجعلنا ندرك قيمة العمل والاجتهاد

+حجم الخط-
High school
الثانوية العامة


كثيراً ما يتم تصوير مرحلة الثانوية العامة وكأنها وحش يبتلع أجمل سنوات العمر، مرحلة تفترس سن المراهقة بكل ما فيه من متعة وبراءة. يزرع البعض في عقولنا أنها حكماً مليئة بالإحباط والتوتر، لكن الحقيقة مختلفة. هذه المرحلة هي في جوهرها فرصة لتقوية العزيمة والإصرار، رحلة تحدٍ تثبت قدراتنا وتجعلنا ندرك قيمة العمل والاجتهاد.

الثانوية العامة: من وحش إلى فرصة

لطالما امتزج وقع كلمة "الثانوية العامة" في أذهاننا بالخوف والانزعاج. نشعر وكأنها أسد يبتسم بخداع ليختطف شبابنا بين أنيابه. هذا التصور ليس إلا انعكاساً لطريقة تربيتنا، والمفاهيم المغلوطة التي غُرست في عقولنا منذ الصغر. في ثقافتنا العربية، غالباً ما ينشأ الأبناء وهم يحملون نظارات سوداء تجعلهم ينظرون للثانوية على أنها مرحلة مرعبة لا مفر منها، بدلاً من اعتبارها جسر عبور إلى المستقبل.

 ليس الخوف حتمياً: كيف يمكننا تغيير نظرتنا إلى الثانوية العامة

لكن دعونا نزد على ذلك ونقول إن الخوف ليس حتمياً. التربية السليمة ودعم الأهل يلعبان دوراً كبيراً في تغيير هذه النظرة القاتمة. شخصياً، اعتبر نفسي محظوظة لأن والديَّ ساعداني على رؤية الثانوية كمرحلة يمكن أن تكون جميلة ومليئة بالتحديات المفيدة، ليست مجرد اختبار للقدرات، بل كذلك اختبار للنفس وبداية رحلتي نحو النجاح.


عندما أتأمل طفولتي، تغمرني السعادة. كبرت في بيئة تسودها المحبة والعفوية. كانت طفولتي مليئة باللعب والبساطة، خالية من قيود التكنولوجيا الحديثة التي باتت تخنق عالم الطفولة اليوم. كنت أتنقل بحرية من منزل إلى آخر في الحي، ألعب "الحجلة" و"الغميضة" وأسابق الزمن لأتنفس بساطة الحياة. كانت طفولتي انعكاساً لتربية مجتمعية سليمة ترتكز على الاحترام المتبادل وحب الحياة.


كثيراً ما ينظر المجتمع لنا بناءً على معدلاتنا الدراسية، وقد كنت الطالبة التي لا تعير اهتماماً كبيراً للمدرسة، طالما كنت مهتمة بأي شيء سوى الدراسة. استمرت معدلاتي متواضعة طوال المرحلة الإعدادية، مما أثار قلق أقاربي وأثقل كاهل والدي بتحذيرات لا طائل منها.


ولكن في الصف العاشر، حدث ما يشبه الصحوة. شعرت فجأة بثقل سؤال: ماذا سأكون؟ وكيف سيكون مستقبلي؟ دفعتني هذه التساؤلات إلى النضج وترتيب أولوياتي. وبفضل التغيير الذي طرأ علي، تمكنت من تحقيق معدل أهَّلني لاختيار المسار الذي أحبه وهو الإدارة المعلوماتية.


رحلة الثانوية العامة كانت نقطة تحول كبيرة بالنسبة لي. تفوقت لأول مرة وكنت الأولى على صفوفي، مما أثار دهشة الجميع ممن لم يتوقعوا مني ذلك. في المرحلة الأخيرة من الثانوية، قررت أن أخذ الأمور بجدية تامة. لم يلزم أحد أهلي بمراقبتي أو حثي على الدراسة. نظمت وقتي بإرادتي. سلّمت أجهزتي الإلكترونية طواعية لأمي، وخصصت وقتاً لكل شيء: الدراسة، المناسبات الاجتماعية، وحتى الهوايات.

شاهد مواضيع مميزة قد تهمك ايضا

لم أدع المذاكرة تمنعني من الاستمتاع بالحياة. كنت أحضر المناسبات وأعود إلى المنزل متحمسة لتعويض الساعات التي فاتتني بالدراسة المركزة. لم أكن ضحية للنمطية الخاطئة التي تجعل الثانوية استنزافاً جسدياً ونفسياً. أدركت أن النجاح لا يتعلق بعدد ساعات الدراسة بقدر ما يتعلق بجودة التركيز والإصرار.


رغم استغراب الجميع لطريقتي، أثبت لنفسي قبل الآخرين أن كل شيء ممكن مع التوازن والوعي بالهدف. لم أفكر يوماً بالغش في الامتحانات رغم الجلوس على آخر المقاعد، وكنت دائماً أشعر بالثقة تجاه نتائجي حتى قبل الإعلان عنها.


وأخيراً جاء يوم الحصاد؛ يوم إعلان النتائج كان مليئاً بالمفاجآت لأقاربي الذين لم يصدقوا حصولي على معدل 94%. سأل البعض عن رقم جلوسي للتأكد من الدرجات ظناً منهم أن هناك خطأ ما! لكن ثقتي بنفسي وردة فعلهم الطريفة أكدت لي أنني خضت رحلة مميزة وممتعة رغم جهودها وتحدياتها.


إن الثانوية العامة ليست وحشاً يلت

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
marwa mohmed

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق