القائمة الرئيسية

الصفحات

هل التطوير الذاتي وهم أم حقيقة؟

Is- self-development-an -illusion - reality
 التطوير الذاتي


هل التطوير الذاتي وهم أم حقيقة؟ سؤال معقد كأعمال كافكا الروائية. لكننا سنحاول...

هل التطوير الذاتي وهم أم حقيقة؟

"لا شيء ثابت سوى التغيير".

هيرقليطس

هل التطوير الذاتي وهم أم حقيقة؟ سؤال معقد كأعمال كافكا الروائية. كل ما سأذكره هنا نابع من تجربتي الشخصية. لذا، يمكنك التقليل من أهميته كما تشاء. هل التطوير الذاتي وهم أم حقيقة؟

لنبدأ بسؤال أكثر منطقية في هذا السياق. ما هو التطوير الذاتي؟

ببساطة، كل ما يحيط بك يحتاج إلى التطوير، من سيارتك الراكنة تحت المنزل إلى هاتفك المحمول الذي تحمله. هذا يهدف إلى تلبية احتياجاتك المتجددة والمتغيرة. أي نسخة قديمة من هذه الأشياء وغيرها، ستعجز عن تلبية رغباتك، وبالتالي ستتوقف حياتك.


الأمر ذاته ينطبق على البشر. حياة هذه الكائنات لا تتشكل من محطة واحدة، بل من محطات، وكل منها يحمل بداخله احتياجات ومتطلبات وقرارات ومخاطرات مختلفة وجديدة. ومصير الإنسان هو التنقل. وإذا واجه هذه الصعاب والاحتمالات والفرص بنسخته القديمة، فسُيدمر بلا رحمة.


وهنا تكمن وظيفة التطوير الذاتي: أن يعتني بك. بشخصك، بنفسيتك، بقراراتك، بنظرتك للأمور، بحياتك، حتى ترضى وتنعم بكل رحلة. ولكي تتعلم كيف؟


أدرك أن كل ما يحيط بك يحمل رائحة التطوير الذاتي.


"لا يمكننا أن نصبح ما نحتاجه بالبقاء على ما نحن عليه".

أوبرا وينفري

ثانياً: كل ما يحيط بك هو تطوير ذاتي:

بالتأكيد سمعت هذه المحادثات من قبل: "أنا لا أدفع أبدًا نقودًا في محاضرة أو كتاب، كله هراء"، التطوير كلام في الهواء، وأنا لن أشتري هواء أبدًا".


كأن التطوير الذاتي موجود فقط في الكتب والمحاضرات. هذا فهم ضيق للتطوير الذاتي. يشبه القول: "الرياضيات تُدرس للامتحانات فقط ولا تستخدم خارج المدرسة". هناك ما هو أوسع من ذلك. إنه من حولك كالماء والهواء، بل أكثر، إنه في كل شيء.


في روايات الأطفال وقصة الأرنبة التي فقدت أمها وحاربت الجميع في الغابة بمفردها، في آخر مشاهد فيلمك المفضل والبطل يحارب رجال العصابة فقط ليثبت لحبيبته أنها تستحق التضحية، في عامل النظافة الذي يلبي جميع متطلبات سكان العمارة بهمّة وابتسامة خفيفة على وجهه، في الطفل الجالس أمام عتبة باب المترو يذاكر ويعافر تحت ظل شجرة بمفرده بدون تشجيع من أحد، في النصيحة البسيطة التي قالها جدك ذات يوم وأنت تجلس بجانبه: "يا بني، افهم أن الحياة ستزول، فعِش اللحظة أفضل لك، وركز واستمتع بكل ما حولك"، في جملة من سائق ميكروباص قالها لزوجته في الهاتف المحمول: "ربنا مع المظلوم"، في ملصق على ظهر توك توك مكتوب عليه: "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" إلخ...

شاهد مواضيع مميزة قد تهمك ايضا

كلها رسائل ونصائح تقع خارج نطاق الكتب والمحاضرات، كلها علامات وحكم وحكايات ملهمة. من المفترض أن هذا كله يحييك ويروّيك بالعزيمة وجرعة كبيرة من الأمل. لكنك لا ترى، ولو رأيت لا تنتبه، ولو انتبهت لا تتعلم. لذلك، لجأنا إلى التدوين والمشاركة حتى نجمع كل القصص والعبر. ندون ونسجل حتى لا تتبدد المعرفة مع مرور الوقت ونكرر أخطاء الماضي. هذا ما يميزنا عن سائر المخلوقات: نقل ما نملكه اليوم إلى الغد.

الكثير يحيط بك، ولو أخذته بشكل شخصي ومباشر كما تأخذ السلبيات، ستتغير حياتك للأفضل.

ثالثاً: "ماذا تفعل؟":

كلام الأهل أيام الامتحانات: (ماذا تفعل؟ هل يوجد أحد يذاكر هكذا وهو يشغل التلفزيون بصوت عالٍ؟ أين الورقة والقلم لتدوين كل شيء أولاً بأول؟ أين الكراسة؟ أين جدول المذاكرة؟... قابلني لو نجحت يا فاشل/فاشلة)


وهنا أوجه الكلام لكل شخص دخل محاضرة أو قرأ كتابًا بغض النظر عن المحتوى، وردد بعدها: "كل هذا هراء، أنا كما أنا، ولم يتغير مني شيء". ماذا كنت تفعل؟


"الكتاب الجيد يستحق القراءة النشطة. لا يقتصر نشاط القراءة فقط على فهم ما يقوله الكتاب. يجب أن يكتمل بالنقد والحكم عليه. القارئ المتساهل يفشل في تلبية هذا المطلب، وربما يفشل أكثر من الفشل في تحليله وتفسيره".

مورتيمر ج. أدلر

هل أنت قارئ متساهل؟ هل أنت مستمع كسول؟

قراءة الكتب بشكل عام: كتب فلسفة/ تاريخ/ علوم/ سياسة/ تختلف اختلافًا كبيرًا عن قراءة الأعمال الأدبية. استماعك إلى مسرحية أو عرض كوميدي ارتجالي يختلف عن استماعك إلى محاضرة علمية. تحديد هدفك وراء القراءة أو الاستماع ضروري قبل الشروع فيه. هل الهدف هو المتعة أم الحصول على أكبر قدر من المعرفة؟


إذا كان هدفك هو المعرفة، يجب اتباع بعض الخطوات (مثل: تحديد وقت معين للقراءة للحفاظ على التركيز/ إحضار ورقة وقلم/ تخطيط أو تدوين أهم النقاط/ ربط الأفكار ببعضها/ الاستماع في مكان هادئ/ النقاش والنقد/ قراءة أكثر من كتاب عن نفس الموضوع لتبدأ المعلومة بالاكتمال بأكثر من شكل).


ويمكنك تتبع بعض الأشخاص الناجحين مثل بيل غيتس، ومارك زوكربيرج وغيرهم. لكل منهم طريقته الخاصة في قراءة الكتب وسلوك آخر للتأكد من أن المعلومة قد التحمت بأذهانهم. ولا أريد التحدث عن كيف غيرت الكتب الكثير من هؤلاء.

أخيرًا، رابعًا: "بعد أن فهمت...":

"بدون المعرفة يكون العمل عديم الجدوى، والمعرفة بدون عمل لا جدوى منها".

أبو بكر الصديق


ذات يوم، كنت تسمع معلم الرياضيات ينصحك بالذهاب إلى المنزل سريعًا لتطبيق الدرس والتمرين عليه مرارًا وتكرارًا، وفي أوقات كثيرة كان يسمح لك بحلها بطرق مختلفة، الأهم هو الوصول إلى النتيجة الصحيحة. وكان مدرس اللغة ينصحك بالتكرار على حفظ الكلمات كل يوم مع وضعها داخل جملة مفيدة من عندك أو تلحينها في أغنية، لكل شيخ طريقته. حتى الآن، لم توجد في العالم طريقة موحدة لحل أي شيء.


دائمًا ستلتقي بأكثر من منهج وأكثر من استراتيجية وأكثر من سرد، السؤال: لماذا لا يوجد منهج واحد فقط يتبعه الجميع؟ أجب أنت....


إذا كنت ممن يطالبون بالتغيير، فعليك أن تفهم أنك جزء لا يتجزأ منه، لن يحدث بدونك ولا بدون إصرارك واستمرارك. لا يوجد شخص مناسب أو نصيحة جهنمية، التغيير ليس مرتبطًا بالناصح ولا بالنصيحة، بل بطريقة استجابتك لها وتنفيذها. كم مرة سمعت جملة (نظم وقتك لكي تنتظم حياتك) ولم تأخذ بها إلا بعد طردك من وظيفتك؟ بعدها، استمع بعناية إلى الكلام القديم والحكم المأثورة.


ملاحظة أخيرة: بالتأكيد، في كلام كثير في التطوير الذاتي هراء ولا قيمة له. لكن افهم أنك جزء من النصيحة. المسألة متعلقة بنسبة تركيزك وفهمك وتطبيقك على قدر فهمك. وكما أن المعادلات الفيزيائية صعبة ومعقدة، والتاريخ ممل وطويل ومنتفخ بالكثير من الأحداث،


أنت أيضًا كذلك، لست أقل صعوبة من الفيزياء، ولا أبسط من التاريخ. بل أصعب مما تتخيل....


  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
marwa mohmed

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق