![]() |
ما بعد الحداثة |
بدايات تحمل معها عبق الحرية، تغمرنا بشعور الانتعاش وكأنها نسمات جديدة تنعش أرواحنا وتعيد إليها الحياة. ليست مجرد تواريخ أو لحظات، بل هي فرص لإعادة رسم خريطة الذات، لتجديد الروح واستكشاف ما يحمله المستقبل من احتمالات.
الكوارث وتحولنا: من النهاية إلى البدايات الجديدة
في الساعات الأولى من العام الجديد، عند الثانية فجرًا في الأول من يناير 2022، كان هناك مزيج من الحماس والتردد يملأ الأفق بداخلي. لحظات الوداع لمحطاتٍ مضت، بمواقفها ومشاعرها التي تركت أثرًا عميقًا. واليوم، أجد نفسي أمام أبواب مفتوحة لبداية جديدة، باب يحمل معه روح المغامرة والغموض والبحث.
في تلك الغرفة الصغيرة المعتمة، شعرت فجأة بسكون داخلي غريب. وكأن كل شيء بداخلي يدعو للهدوء. أغمضت عيني، مستحضرةً قولًا لطالما أوقد فيّ الشغف ومنحني الطاقة. هو ذلك القول الذي يجعلني أشعر وكأنني حرة؛ حرة للدرجة التي لا يمكن لأي مكان أن يحتويني إلا في الوقت الذي أريده. بثقة جديدة، أبدأ محطة جديدة من الرحلات التي ترافقني في كل يوم، متسلحة بأسئلة تبدو بقدر اتساع الكون.
من الحماس إلى الشك: رحلة البحث عن الذات
كم مرة يمكن للإنسان أن يجدد نفسه؟ أن يغامر ويزرع محاولاته في أراضٍ غريبة وعوالم لا يعرف مألوفها؟ كيف يمكنه أن يتجاوز دائرة راحته الآمنة ليخوض المجهول؟ وهل ستكون تلك التجربة سببًا لنضجه وقوته؟
الكوارث حين تطرق أبوابنا لا تأخذنا كما نحن؛ إنها تحولنا إلى نسخة جديدة من أنفسنا، نسخة قد لا تعرِف ذاتها حين تقف أمام المرآة. هذا التحول ربما يكون مؤلمًا لكنه جزء لا يتجزأ من التغيير الذي نحمله في قلوبنا ونشهد حدوثه في أعماقنا.
الآن، وأنا أتنقل بين مراحل الحياة من رحلة لأخرى، أعيش حالة من التساؤل الكبير. هل ما أفعله هرب للأمام أم أنه محاولة صادقة للتعافي واستعادة ذاتي؟ وفي كل خطوة أُدرك أن المغامرة ليست مجرد خيار بل حاجة داخلية للتعايش مع التغيير وإيجاد معنى جديد للمستقبل.
لطالما حلمتُ بأن أسير حياتي ببساطة وسلام، أن أشعر بالانتماء بدلًا من ركض الزائر العابر. أردت أن أفك ألغاز أيامي وأن أتوقف للاحتفاء بدروس الحياة بلا عجلة أو تسرّع. أن يكون لي صندوق أسراري الخاص، حيث تسكن تجاربي وأفكاري في أمان تام بعيدًا عن أعين العالم.
اليوم، وقد تغيّرت الحياة حولي بشكل مفاجئ، تبدو هذه الرحلة وكأنها مغامرة روحانية تستحق كل خطوة. لست قادرة فقط على البدء مجددًا، بل أشعر وكأنني أسعى لجمع الأجزاء المتناثرة من نفسي. أحاول إعادة ترميم تلك الصورة التي أعيشها لتكون نسخة أقرب للحقيقة وأكثر انسجامًا مع حقيقتي الداخلية.
شاهد مواضيع مميزة قد تهمك ايضا
أبدأ خطواتي الأولى بتردد وحماس في آنٍ واحد. شعور غريب يمزج بين الثقة والشك وبين الانتماء والغربة. أسير في درب يُظهر تناقضاتي بين الرغبة بمعرفة الحقيقة والتحرر من قيود الدماغ المزدحم بالتساؤلات.
رحلة البحث عن الذات ليست سلسة دائمًا؛ إنها مليئة بالمواجهة والاستسلام والاندماج مع تفاصيل عالم لم نعتد تقبل حقائقه كما هي. نحن البشر نحياً بحثًا دائمًا عن مكان يلائمنا وعن شعور بالانتماء لهذا العالم الغريب رغم جاذبيته ومفاجآته.
المعركة رغم صعوبتها تُظهر أجمل ما في البدايات: فرصة لنختار طريقنا، لنُعيد تعريف أنفسنا ولنتشارك مع العالم شيئًا يعبر عنا بصدق ودون خوف. أن ننظر لأنفسنا ونرى أننا تغيرنا بشكل حقيقي دون شعور بالندم بل بالفخر، لأن النمو يعني الاستمرار ولأن كل بداية تحمل معها حرية جديدة تنعش الروح وتمنح الأمل في حياة أكثر رحابة وصدقًا.
تعليقات: (0) إضافة تعليق